من عاملة نظافة إلى رئيسة سنغافورة أغنى دولة في العالم المحجبة التي تحكم دولة غير مسلمة
في عالمٍ تمزّقه التحديات السياسية والاقتصادية، وتطغى فيه الفوارق الطبقية على كل شيء، قلّما نجد قصصًا
حقيقية تُجسّد الأمل في أقوى صوره… قصص تُعلّمنا أن العبرة ليست من أين تبدأ، بل كيف تقاتل لتصل. وفي هذا السياق، تطلّ علينا قصة حليمة يعقوب، المرأة التي بدأت حياتها كعاملة نظافة في مطعم صغير، ثم أصبحت أول
امرأة مسلمة ومحجبة تتولى رئاسة واحدة من أغنى دول العالم: سنغافورة.
هي ليست مجرّد امرأة ناجحة، بل نموذج عالمي في القيادة النزيهة، والعمل الجاد، والإيمان بالذات. وُلدت في
ظروف قاسية، وواجهت صدمات مؤلمة، لكنّها لم تستسلم. صنعت لنفسها طريقًا بالتعليم، وبالصبر، وبالعمل، وبدعم مبادئها الأخلاقية والدينية. ومن خلال قيادتها، ارتفع دخل الفرد في سنغافورة إلى أكثر من 85 ألف دولار
سنويًا، وأصبحت الدولة من بين الأقوى عالميًا في الاقتصاد، والمطارات، والتعليم، والجوازات، والحريات.
لكن السؤال المحوري الذي يتكرر في ذهن القارئ العربي، وخاصة في دول مثل اليمن، هو:
هل يمكن لتجربة مثل حليمة يعقوب أن تتكرر في مجتمعاتنا؟ هل يُمكن لابنة عامل بسيط أو بائعة متجولة في الشوارع أن تقود شعبًا يومًا ما؟ وهل اليمن، بكل ما يعانيه من صراعات وفقر وفساد، يستطيع أن يفرز قائدًا متعلّمًا
نزيهًا ينهض بالوطن؟
هذه الأسئلة هي جوهر هذا المقال. دعونا نبدأ
من نقطة البداية… من طفولة حليمة يعقوب التي علمتنا أن الفقر لا يمكنه هزيمة الطموح.
وُلدت حليمة يعقوب في عام 1954 في سنغافورة، لأسرة بسيطة تعيش على الكفاف. كان والدها من أصول
هندية، وأمّها من أصول ملايوية. عندما بلغت الثامنة من عمرها، فقدت والدها فجأة بسبب أزمة قلبية، وهو الحدث الذي غيّر مجرى حياتها بالكامل. وجدت والدتها نفسها وحيدة، تكافح من أجل تربية أبنائها، وتوفير أبسط سبل
العيش.
في ذلك السنّ المبكر، قرّرت حليمة أن تكون عونًا لوالدتها بدلًا من عبء. لم تلبث أن تركت مقاعد الدراسة لفترة
قصيرة، وبدأت تعمل في تنظيف أحد المطاعم لمساعدة أسرتها في دفع الفواتير. كانت تستيقظ باكرًا، تنظّف الأرضيات، وتغسل الصحون، ثم تعود لمساعدة والدتها في أعمال أخرى. لكن رغم تعب الجسد، لم تستسلم
روحها يومًا.
ففي الليل، كانت تفتح كتبها القديمة، وتحاول أن تتابع دراستها وحدها. كان حلمها أن تصبح يومًا ما محامية،