شوفوا رب العباد لما يحب يكافئ عبده

استعجلت وركبت تاكسي سريعًا لنقله إلى أقرب مستشفى.

تم حجزه في العناية المركزة، وجلست معه حتى الساعة ٤:٣٥ عصرًا. لدرجة أن التعب شديد جعلني أنام على الأريكة، حتى جاء الطبيب وأخبرني بأن الرجل كان سيصاب بشلل رباعي بسبب جلطة في المخ، وأنه محظوظ لأننا أحضرناه في الوقت المناسب.

p1

شعرت بسعادة غامرة رغم أنني لم أعرف الرجل شخصيًا، لكن شعور الارتياح النفسي كان هائلًا. ومنذ ذلك اليوم، بدأت أزوره يوميًا حتى تحسن، وتركته رقمي للاتصال إذا احتاج لأي شيء.

للأسف، أثّر هذا الموقف على دراستي. فقد فقدت مادة الامتحان التي كنت سأحصل على تقدير جيد فيها، مما جعلني أشعر بأن الزمن يعاقبني على فعل الخير. ومع مرور الأيام، تخرجت من الكلية وأنا حزين، ورأيت زملائي يسافرون إلى ألمانيا لإكمال دراستهم وتحقيق فرص أفضل.

لكن الحياة كان لها مفاجأة أخرى. في يوم ٢٢ مايو، قدمت على وظيفة في شركة كبيرة في مصر، لكن لم أوفق بسبب وجود شخص حصل عليها بالواسطة.

خرجت من الشركة محبطًا جدًا، وكنت أمشي في الشارع والدموع تملأ عيني، لا أرى سوى الفرص الضائعة بسبب سوء الحظ.

p2

وصلت إلى البيت، وانطلقت لأكتب مشاعري على الإنترنت. كتبت على الفيسبوك “لماذا يا رب تركتني؟”، ونمت بعدها. واستيقظت في منتصف الليل على رسالة من شخص غريب في قائمة أصدقائي، صورة بروفيل له منظر طبيعي، يقول فيها: “مساء الخير يا سامح، انت كويس؟ طمّنّي عليك.”

استغربت كيف عرف عني، وأجبت: “الحمدلله بخير، مين حضرتك؟” فأجاب: “معقول مش عارفني؟ أنا الرجل الذي أنقذته من الموت”. عندها شعرت بصدمة كبيرة.

بعدها تواصل معي هذا الرجل، واستفسر عن وضعي في العمل، ثم قال لي: “تحب تسافر ألمانيا؟” لم أصدق ما سمعت، وقلت له: “انت بتتكلم جد؟” فأجاب: “أنا مستثمر في ألمانيا منذ أكثر من ٣٨ سنة، وهذه أقل حاجة أقدمه لك على الخدمة العظيمة التي قدمتها لي.”

وبالفعل، بعد أيام، ساعدني الرجل على جميع إجراءات السفر والإقامة والعمل في ألمانيا. ولما قابلت أصدقائي هناك، استغربوا وسألوني: “إزاي جيت ألمانيا؟” ابتسمت وأخبرتهم: “جيت بالتاكسي”، وحكيت لهم قصة الرجل الذي نقلته للمستشفى بالتاكسي أثناء الامتحان، والذي أصبح سببًا في تغيير حياتي.

الحياة أحيانًا تمنحك مكافأة عظيمة على أفعال الخير، حتى لو مرت الأيام والسنوات. الحقيقة أن الله لا ينسى حتى كوب ماء بارد قدمته لغيرك. لذا كن دائمًا مع الله، ولا تنتظر مقابل البشر، ووعد منه لن ينساك أبدًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top