في إحدى ليالي أمريكا اللاتينية العاصفة، كانت الأرض تحبس أنفاسها.
في دولة اسمها كولومبيا، المعروفة بتاريخها المضطرب وثرواتها الطبيعية المخيفة، كان هناك جبل شامخ اسمه نيفادو ديل رويز، تتغطى قمته بالثلوج، ويبدو للناظر كأنه نائم للأبد.
لكن ليلة 13 نوفمبر 1985 كانت مختلفة…
استيقظ الجبل.
استيقظ كوحشٍ غاضب، ينفث الرماد والنار في سماء مضطربة… وكأن جهنم فُتحت على الأرض.
وفي بلدة صغيرة تُدعى أرميرو، على سفوح البركان، كانت فتاة لا تعرف أن الساعات القادمة ستُخلد اسمها إلى الأبد، لا بسبب حياتها، بل بسبب الطريقة التي ماتت بها.
اسمها لم يُعرف للعالم بعد.
لكن كل شيء سيبدأ عند لحظة الانفجار.
في تلك الليلة، كانت الفتاة الصغيرة، التي لم تُكمل الثالثة عشر، في المنزل مع والدها، وخالتها، وأخيها الصغير. أما الأم، فقد كانت مسافرة.
لحظات، وتحولت الهدوء إلى صراخ.
سيول الطين، الرماد الحارق، ماء يغلي يزحف على البيوت.
لم يكن هناك وقت للهرب.
سُحقت البيوت، دُفنت العائلات، وغُمرت الشوارع في صمتٍ قاتل.
وسط كل هذا، كانت الطفلة الصغيرة لا تزال حية… لكنها عالقة حتى خصرها في بركة موحلة، وبين قدميها خرسانة ضخمة تمنعها من الحركة.
مرت الدقائق. ثم ساعات. ثم يوم. ثم اثنان.
وأخيرًا، بدأت المروحيات تتوافد.
فرق إنقاذ محدودة، موارد شبه معدومة، وأمل ضئيل… كل ذلك أمام مشهد واحد:
وجه طفلة تبتسم رغم الألم.
كان يمكن إنقاذها بسهولة في بلد متقدم، أو في مكان قريب من مستشفى.
لكن هنا، في منطقة جبلية مدمرة… لم يكن هناك سوى بعض الرجال، قلوبهم مثقلة، وعيونهم دامعة، وكل ما بيدهم أن يقدموا لها القليل من الماء، وربما كلمة طيبة.
عندما حاولوا سحبها، بدأ مستوى الماء يرتفع ويهدد بخنقها.
ثم اكتشفوا أن قدميها محشورتان تحت لوح خرساني كبير.
الحل الوحيد؟ بتر قدميها.
لكن الأطباء المحليين قرروا: لا. حالتها منهكة. العملية مستحيلة.