مرت الساعات ببطء قاتل.
الطفلة الصغيرة، التي لم يعرف العالم اسمها بعد، كانت تتكلم.
تضحك أحيانًا.
تغني أحيانًا.
وتبكي كثيرًا…
كانت تطلب مشروبًا غازيًا… وحلوى.
كانت تحاول أن تبقى طفلة، ولو لآخر لحظة.
كل من حولها كانوا ينهارون بصمت.
مصورون، منقذون، سكان، صحفيات… الجميع كان يبكي، ولا أحد يملك القرار.
الفتاة لا تزال هناك.
وجهها أصبح شاحبًا… عيناها حمراوان كدموع محترقة.
في اليوم الثالث، وصل صحفي فرنسي اسمه فرانك فورنييه.
لم يكن يتوقع أن يلتقط أكثر صورة أيقونية في تاريخ الكوارث الإنسانية.
اقترب أحد الفلاحين من فرانك وهمس له:
“هناك فتاة تمـoت، ولا أحد يستطيع مساعدتها.”
قادوه إلى البركة.
رآها… كانت لا تزال تنظر للكاميرا.
ابتسامتها كانت مليئة بالاستسلام.
قالت له بهدوء:
“أريد أن أذهب للمدرسة… عندي امتحان رياضيات.”
تلك الكلمات هزّت قلب المصور.
ساعات قليلة فقط، ثم بدأ جسدها يرتجف.
كانت الفتاة تنهار ببطء… لكنها لم تتوقف عن الكلام.
في اللحظة الأخيرة، طلبت أن تقول شيئًا.
رفعت رأسها قليلاً، وقالت:
“أرجو أن تحافظوا على عائلتي… وشكرًا لأنكم بقيتم معي.”
ثم أغلقت عينيها… ولم تفتحهما مجددًا.
وماتت.
الاسم الذي بقي في ذاكرة البشرية بعد ذلك هو:
أوميرا سانشيز.
صور فرانك انتشرت في كل مكان.
أوميرا في البركة، نصفها مدفون، نصفها حي، وعيناها تنظران إلى العالم كأنها تسأله: لماذا؟
الأسئلة التي دارت بعد ذلك كانت مرعبة:
كيف تُترك فتاة حية 3 أيام دون إنقاذ؟
هل يُعقل أن يموت إنسان أمام أعين الجميع، دون أن يُحرّك أحد ساكنًا؟
من المسؤول؟ من الجاني الحقيقي؟ التكنولوجيا؟ الفقر؟ الحكومات؟ اللامبالاة؟
أصبحت أوميرا أيقونة في العمل الإنساني.
كل صورة، كل مقطع مصور لها، صار محفزًا لتحرك سريع وقت الكوارث.
بفضلها، تم دعم جمعيات الإغاثة.
وتم الضغط على الحكومات لتقديم مساعدات أسرع وأكبر.
حتى الأطفال صاروا يكتبون رسائل لزعمائهم: “لا نريد فتاة تمـoت كأوميرا مرة أخرى”.
في النهاية… أوميرا ماتت، نعم.
لكنها أيضًا أيقظت الضمير العالمي.
ربما مـaـت جسدها في بركة من الطين، لكن اسمها سيبقى محفورًا… في ذاكرة الإنسانية.