في زوايا الحديث النبوي الشريف، هناك دائمًا أسرار تخبئها الروايات والتفاسير، لا تُكشف مباشرة، بل تدع القارئ يتساءل… لماذا امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكل لحم الأرنب؟ هل هو مكروه أم محرم؟ وإن كان حلالًا، فلماذا لم يأكله بنفسه؟
أحاديث وآراء كثيرة، لكن القصة الأغرب تبدأ من أرض مرّ الظهران، حيث وقعت حادثة فريدة رواها الصحابة.
الأرنب في اللغة والشريعة:
الأرنب، تلك الدويبة الصغيرة، تختلف أسماؤها بين الفصحى والعامية. يقول العلماء: هو اسم جنـs يشمل الذكر والأنثى. يُطلق على الذكر “الخُزَز” وعلى الأنثى “عَكرشة”، أما الصغير فيُسمى “خُرنق”.
وللأرنب صفات فريدة وغريبة! فقد قيل: إنها شديدة الجبن، كثيرة الشبق، وأنها “تكون سنة ذكرًا وسنة أنثى”، بل وقيل إنها تحيض! وورد في وصفها أنها تنام وعينها مفتوحة، وهو أمر يثير الاستغراب.
حتى اسمها في اللغة الفارسية يحمل بعدًا مختلفًا، حيث يُطلق عليها “خركوش”.
رواية الحديث: ما الذي جرى؟
ورد عن هشام بن زيد، حفيد أنس بن مالك، أنه قال:
“أنفجنا أرنبًا بمرّ الظهران”، أي أثرنا أرنبًا فثار يجري، و”أنفجته” أي أخرجته من مخبئه.
فقام أحدهم بذبحها بـ”مروة” – حجر أبيض يُستخدم كالسكين – ثم بعث بفخذها أو وركها إلى النبي ﷺ.
هنا قال هشام: “فأكله”، ثم استدرك: “فقلت أكله؟ قال: قبله”، أي أن النبي ﷺ قبِل الهدية ولكن لم يؤكد الراوي إن كان قد أكله فعلاً أم لا.
هل أكل النبي ﷺ لحم الأرنب؟
اختلفت الروايات، فبين قائل إنه أكله، وآخر يقول إنه قبِل الهدية فقط.
الدارقطني روى عن السيدة عائشة رضي الله عنها:
“أُهدي إلى رسول الله ﷺ أرنب وأنا نائمة، فخبأ لي منها العجز، فلما قمت أطعمني”.
لكن هذا الحديث ضعيف السند، فلا يُستدل به منفردًا.
بينما في رواية أخرى عن أبي هريرة، جاء أعرابي إلى النبي ﷺ بأرنب قد شواها، فوضعها بين يديه، فأمسك النبي عنها، وأمر أصحابه أن يأكلوا.